دعاء الكروان Admin
عدد المساهمات : 385 تاريخ التسجيل : 15/07/2009 المزاج : الحمد لله
| موضوع: قصة رعب ....بلا نهاية الأحد يوليو 19, 2009 4:06 pm | |
|
نشرت هذه القصة في مجلة بص وطل
-1- أصر زميلي (عادل) أن نقضي تلك الليلة الرهيبة في شقته. كانت الليلة السابقة لإمتحان مادة من أصعب مواد الكلية في هذه السنة وربما في كل السنوات.. الخوف من الرسوب دفعني للاستجابة لإلحاحه علي بأن نقضي الليلة في المذاكرة ومراجعة ما فاتنا. وإن كنت أعتقد أن مجموع معلوماتنا معا عن المادة لا تكفي حتى لإدراك درجة النجاح !
شيء ما يدفعنا لتأجيل مذاكرة المواد التي لا نحبها حتى الساعات الأخيرة ، وتمضي تلك الساعات في رعب وقلق .. لكن ما حدث لي تلك الليلة كان رعبا مختلفا ..
يسكن (عادل) في الطابق الرابع ولا يوجد في بنايته الصغيرة مصعد ، فكان علي أن أصعد السلم حاملا حقيبتي المليئة بالكتب والأوراق على ظهري . وصلت الطابق الرابع فوجدتني ألهث من التعب. دققت على باب الشقة وانتظرت حتى يفتح لي (عادل) .. وأخذت أتسلى بالنظر إلى السلم الذي صعدته فخيل إلي أنه أصعب سلم صعدته في حياتي.لم يكن هناك أي شخص يصعد أو ينزل ، ولا صوت في المبنى كله .
رجعت إلى باب الشقة مرة أخرى فأحسست أن هناك من يقف خلف الباب ينظر إلي من "العين السحرية". تراجعت عن الباب بحركة لا شعورية وأنا أتساءل إن كان (عادل) هو الذي خلف الباب فلماذا لا يفتح مباشرة وهو يعلم أني قادم له ؟ هل هناك شخص آخر في الشقة ؟
رجعت خطوة أخرى نحو السلم وأنا أدس يدي في الحقيبة لأخرج هاتفي المحمول لأكلم (عادل) ، وفي نفس اللحظة انفتح الباب .. ارتجفت رغما عني عندما أحدث الباب صوتا عجيبا وظهر من خلفه (عادل). ضحك (عادل) وقال :"هل أفزعتك ؟ .. أدخل."
تبخر القلق عندما رأيته ، وإن كنت أحسست بشيء من الإنقباض عندما دخلت شقته. على اليسار كانت هناك غرفة نصف مفتوحة لمحت فيها سفرة فعرفت أنها غرفة الطعام. وإلى جوارها غرفة مضاءة الأنوار ، وفي آخر الشقة غرفة ثالثة لا أرى من موضعي إن كانت مفتوحة أم لا. ولا أرى محتوياتها.
شيء ما بداخلي كان يدفعني لأن أعتذر له وأهرول هاربا إلى خارج الشقة ، لكني لم أجد مبررا معقولا لهذا التصرف ، فلم أفعله. وإن كنت أنتظر أي حجة لكي أعود لبيتي فورا. رحب بي (عادل) وقادني إلى الغرفة المضاءة حيث كان يجلس محاولا فك رموز هذه المادة العجيبة التي سنمتحن فيها بعد اثتني عشر ساعة فقط !
قال : "جميل أنك أتيت .. هل تعرف ماذا أحضرت لك الليلة ؟ حلول كاملة لامتحان العام الماضي .. ليست حلولا عادية وإنما الحلول النموذجية .. أخذتها من الطالب الأول على الدفعة التي قبلنا". كان يفتش في الأوراق المتناثرة أمامه عن الحلول بينما جلست أنا على مقعد بجوار جهاز "كاسيت" ونظرت إلى الشريط بداخله فوجدته لـ (عمرو دياب).. فضغطت على زر التشغيل ، لعله يذهب شيئا من الرهبة التي أحس بها منذ جئت .
خرج (عادل) ليبحث عن ورق الحلول في الغرفة المجاورة وعاد ممتقع الوجه وقال :" يبدو أنني نسيت الورق في المكتبة في آخر الشارع ! يجب أن أسرع باحضاره قبل أن تغلق وإلا فسنضيع في هذه المادة..
حملت حقيبتي وقمت قائلا :"ساذهب معك ونحضرها". أجلسني باشارة من يده وقال : "لا تقلق ، سأذهب أنا بسرعة وأحضر الأوراق وبعض المشروبات من البقالة. انتظرني هنا وحاول أن تبدأ المذاكرة حتى لا نضيع المزيد من الوقت".
لم تكن فكرة النزول والصعود مرة أخرى على ذلك السلم الرهيب ممتعة بالنسبة لي ، لكن بقائي وحدي في هذه الشقة كانت فكرة مخيفة. هممت بالاعتراض لكنه كان قد تناول مفاتيح الشقة واتجه نحو الباب بالفعل. فتح الباب وقال وهو يغادر بصوت عال وصلني وأنا في الغرفة أستمع ل(عمرو دياب) وأحاول ترتيب الأوراق التي أخرجتها من حقيبتي :"لا تفتح الباب لأي شخص ، أنا معي المفتاح .. هل تسمع ؟ لا تفتح الباب أبدا". وأغلق الباب بعنف.
لم تكد الأغنية تنتهي حتى سمعت دق الباب ! دقات سريعة ضعيفة لكنها عميقة. وصلتني عندما توقف صوت "الكاسيت" بين الأغنيتين ولعلها كانت تدق من قبل هذا ولم أسمعها. قمت مفزوعا وبحذر اقتربت من الباب ونظرت من "العين السحرية" ففوجئت بها : فتاة صغيرة لم تتجاوز الثامنة تقف مرتبكة أمام الباب وتدق باصرار.
لا ضرر من فتح الباب ، إنها طفلة صغيرة على كل حال ، وهذا ما توهمته وقتها ، فتحت لها فقالت فورا وكأنها تعرفني :"إذا سمحت يا سيدي ، هل يمكن أن تفتح لي الباب لأن والدتي تركت لي المفتاح لكني لا أستطيع أن أحركه في القفل الثقيل". قلت : "وأين تسكنين ؟" أشارت ببراءة مطلقة إلى السلم الصاعد إلى أعلى فقلت متشككا :" في أي طابق تحديدا ؟" قالت :"في الطابق التالي ، فوقكم تماما .. من فضلك تعال معي !"
حسنا .. إنها خدمة إنسانية سريعة .. تركت باب شقة (عادل) شبه مفتوح وصعدت معها.. فتحت لها الباب بالمفتاح وأعطيته لها فدخلت بسرعة وأغلقت الباب دون كلمة شكر واحدة .. فقلت لنفسي أنها ربما لا تجيد التعامل مع الغرباء أو لعلها خائفة مني..
نزلت مسرعا على السلم.. لم يستغرق صعودي وفتح الباب ونزولي أكثر من نصف دقيقة ، لكني عندما لمحت باب شقة (عادل) صعقت !! لم يكن كما تركته بل كان الباب مفتوحا على مصراعيه !
أنا متأكد أنني عندما صعدت مع الفتاة لم يكن هناك أحد على السلم أو بالقرب من باب الشقة حتى يتمكن من تحريك الباب بهذه السرعة ثم يختفي.. إلا إذا كان قد اختفى داخل الشقة نفسها !
دخلت بحذر شديد قائلا :"من هناك ؟" وعندما وصلت لمنتصف الشقة حدث أمر طبيعي ومناسب جدا : لقد انقطع التيار الكهربائي !!
- 2 - لا أذكر أني تعرضت لموقف كهذا من قبل .. الشقة مظلمة تماما والباب مفتوح والسلم مظلم أيضا ، وأنا في وسط الشقة لا أعرف إن كان علي أن أغادرها أم أنه من الحكمة أن أظل بداخلها. هل هناك شخص ما – أو أشخاص – دخل الشقة في الثواني التي كنت فيها مع الفتاة في الدور العلوي ؟ هل هناك آخرين على السلم سيصعدون الآن ؟ هل هي عصابة من اللصوص وهل الفتاة معهم أم إنها بريئة ووجودها صدفة ساعدت ذلك المجهول الذي فتح باب الشقة على آخره..
هناك احتمال أن يكون (عادل) يمزح معي ، لكنه غير وارد اطلاقا ، خاصة في ليلة الامتحان. ثم إن الكهرباء مقطوعة عن المنطقة كلها والظلام مطبق حتى إنه لو كان هناك من يدخل الشقة من الباب في هذه اللحظة فلن أستطيع رؤيته ..
فكرت أنه من الأفضل أن أتخلى عن الأفكار التي تبدو سخيفة وأن أتظاهر بأن كل شيء على ما يرام.. أغلقت باب الشقة ودخلت أتحسس طريقي إلى الغرفة التي كنت أجلس فيها محاولا اقناع نفسي بأن الهواء هو الذي حرك الباب وفتحه.. وأن انقطاع التيار الكهربائي مجرد عادة تحدث دائما في ليالي الامتحانات عندما يزيد الضغط على شبكة الكهرباء بسبب أن جميع البيوت فيها طلبة يذاكرون طوال الليل ..
ثم إن دخولي إلى الشقة كان أكثر أمانا من مغادرتها ، على الأقل أنا بجوار هاتفي المحمول ، إن حدث أي طارئ ساتصرف.. تذكرت الهاتف ومددت يدي أبحث عنه تحت الأوراق بعصبية لأضيء شاشته ، عندما سمعت صوتا عجيبا من الغرفة المجاورة. توقفت عن الحركة وعن التنفس وابتلعت ريقي وكررت الشهادتين في سري عدة مرات .. حتى عادت الكهرباء فجأة وظهرت الشقة مرة أخرى ..
وأكاد أقسم أن الشقة في النور مخيفة أكثر منها في الظلام .. على الأقل الظلام سيكون سترا لي من الشخص المتخفي في الغرفة الأخرى.. أما الآن فسيراني بسهولة ، ويتمكن من اصابتي بسلاحه إن كان يحمل واحدا..
جريت للمطبخ وانتزعت سكينا كبير ثم بدأت بتفتيش الشقة من الصالة إلى الغرفة التي كنت فيها فالحمام فالغرفة البعيدة التي لم أرها جيدا عندما دخلت أول مرة مع (عادل) .. لم يكن هناك أحد أو شيء غير طبيعي.. تبقى فقط الغرفة الأولى بجوار باب الشقة .. غرفة الطعام ..
أنا متأكد من أني رأيت باب الغرفة مفتوحا عندما دخلت أول مرة ، ولمحت جزءا من مائدة الطعام لكن باب الغرفة الآن مغلق ! هل أغلقه (عادل) قبل أن ينزل ؟ لا أظن فقد نزل بسرعة .. إذن يحتمل أن يكون هناك من دخل إلى الغرفة أثناء وجودي خارج الشقة وأغلق الباب عليه..
لن أظل في رعب الاحتمالات هذا .. يجب أن أحسم الأمر .. مددت يدي لافتح باب الحجرة فوجدته مغلقا .. إن هناك شخص أو شيء ما بالداخل ولا ريب .. وهو الذي كان يحدث الصوت العجيب أثناء انقطاع الكهرباء..
ما العمل الآن ؟ جريت لهاتفي المحمول واتصلت بـ (عادل) وعيني على باب الغرفة المغلقة وفي يدي الأخرى السكينة .. لكن (عادل) كان قد نسي هاتفه في الصالة فسمعت رنة الهاتف من خلفي ففزعت .. ثم انتبهت إلى أني فقدت تماسك اعصابي تماما رغم أنه لم يحدث عمليا أي شيء غير طبيعي .. لعل الغرفة مغلقة لأن (عادل) أغلقها قبل أن ينزل ، ربما كان فيها شيء مهم يخاف عليه مني مثلا ..
[size=24]عدت للغرفة التي فيها حقيبتي وأوراقي وأدرت "الكاسيت" مرة أخرى.. اندمجت مع الأغنية قليلا دون أن تفارق السكينة يدي.. وفجأة سمعت دقات على باب الشقة ! نفس الدقات السابقة ولكنها كانت أقوى هذه المرة حتى أني سمعتها رغم أن (عمرو دياب) كان صوته يكاد يغطي عليها ..
" يدق الباب .. أقول هيا .. أقول رجعت .. خلاص ليا !!" خرجت للصالة وعيني مترددة بين باب الشقة وبين الغرفة التي لم استطع فتحها .. نظرت من "العين السحرية" فوجدت أمرأة شابة ، فيها كثير من الشبة من الطفلة التي صعدت معها منذ قليل. فتحت الباب فورا ، فرؤيته انسان طبيعي مسالم رقيق مثل هذه المرأة هو أكثر شيء أحتاجه في هذه اللحظة ، رأيتها فتجمدت ! كانت ملامحها قريبة جدا من البنت حتى ظننت أنها والدتها ، فقلت :" لقد فتحت الباب لابنتك وهي في البيت الآن" وأشرت لأعلى . بدت عليها الحيرة وهي تقول : "من ؟ ابنتي ؟ أنا لست متزوجة وليس عندي أبناء. أنا جارتكم في الدور العلوي وأريدك أن ..." وفجأة صرخت ! يتبع
| |
|
دعاء الكروان Admin
عدد المساهمات : 385 تاريخ التسجيل : 15/07/2009 المزاج : الحمد لله
| موضوع: رد: قصة رعب ....بلا نهاية الإثنين يوليو 20, 2009 12:32 pm | |
| أفزعتني صرختها حتى الموت وانتفضت من مكاني أنظر في كل الاتجاهات وقلت لها : "ماذا .. ماذا هناك ؟". تراجعت مفزوعة وأشارت إلى يدي قائلة :"لماذا تمسك هذه السكين في يدك ؟ ضعها فورا لو سمحت !"
إذن هذا ما كان يفزعها ، وضعت السكين على منضدة صغيرة في الصالة ثم رجعت إليها ، وقلت بنفاد صبر :" أي خدمة ؟" قالت بخجل :" أسفة إن كنت أفزعتك ، لكن منذ عشرة دقائق جاء رجل ليغير أنبوبة البوتجاز.. أخذ الأنبوبة القديمة ونزل ليصعد بالجديدة عندما انقطعت الكهرباء ، ولكنه تركها هنا أمام منزلكم بدلا من أن يصعد بها للدور التالي .. لعله أخطأ بسبب تشابه الأدوار وانقطاع الكهرباء. هل يمكن أن تحملها إلى الدور العلوي ؟ فقط ضعها أمام الباب وأنا سآخذها للداخل وأركبها .."
لم تترك لي فرصة الجواب بالموافقة أو الرفض ، لكنها استدارت وصعدت السلم . حملت الأنبوبة وصعدت خلفها ، بعد أن تأكدت من وضع كرسي أمام باب الشقة حتى لا يتحرك. ودفعت كرسيا آخر خلفه حتى لا يستطيع أحد الدخول أو الخروج دون أن أشعر به.. ظللت متابعا باب الشقة حتى اختفى عن عيني وأنا أصعد السلم.. ففوجئت بالمرأة تفتح نفس الباب الذي فتحته للفتاة منذ قليل. فسألتها :" ألا تعيش معك بنت صغيرة هنا ؟ لقد فتحت لها الباب منذ دقائق قليلة" ووضعت الأنبوبة أمام الشقة وأنا أنتظر رد سؤالي لكنها نظرت لي في حيرة وقالت :"لا . أنا أعيش وحدي هنا .. لا أحد معي .. وليس هناك مفاتيح أخرى للباب غير هذا الذي معي".
لم أجادل كثيرا لأني تركت باب شقة (عادل) مفتوحا . نزلت بسرعة للشقة. لم أسمع أي صوت لحركة الكراسي وأنا فوق لذلك توقعت أن أجدها كما تركتها.. لكني رأيت عجبا : لقد كانت الكراسي ملقاه بالداخل والباب مفتوح على أخره ! هناك شخص ما هنا بلا شك. جريت لأعلى لأطلب مساعدة السيدة لكني وجدتها قد أغلقت الباب بعد أن أدخلت الأنبوبة ولم تستجب لطرقاتي على بابها ..
تذكرت أيضا أنها لم تشكرني بعد أن حملت لها الأنبوبة.. إنها غريب الأطوار مثل تلك الفتاة قريبتها .. لماذا تنكر وجودها ؟ نزلت للشقة مرة أخرى وتوجهت للمنضدة لأجلب السكين ، إنها تعطيني شيئا من الأمان .. لكن السكين أختفت من مكانها ! تركت باب الشقة مفتوحا وهرولت في رعب للمطبخ لأحضر سكينا آخر ، ولاحظت أن الغرفة المجاورة للمطبخ قد أغلقت أيضا ، وبالتالي كانت هناك فقط غرفة واحدة مفتوحة ، تلك التي فيها أغراضي. بينما الغرفتان الأخرتان مغلقتان !
أنا متأكد أني منذ قليل دخلت هذه الغرفة التي أغلقت الآن وفتشتها. ما هذا العبث ؟ لا ينقص الآن إلا أن ينقطع التيار الكهربائي من جديد ، وهو ما حدث بالفعل
الوضع الآن كما يلي : أنا في المطبخ لم ألتقط سكينا بعد ، والكهرباء مقطوعة.. الغرفة التي بجوار المطبخ والأخرى التي عند باب الشقة مغلقتان ولدي شبه يقين أن فيهما شيئا أو أشخاصا.. وتأكد ذلك اليقين مع انبعاث أصوات حركة في الغرفتين ومن أسفل باب الغرفة المجاورة للمطبخ رأيت اضاءة مهتزة كأنما رجل يحمل شمعة ويتحرك في الغرفة ..
أستدرت لرف السكاكين لألتقط واحدة وتحسست بيدي كل الأماكن التي يمكن أن تكون فيها أداة حادة ولكني لم أجد حتى ملعقة أو شوكة واحدة.. أنا أعزل تماما ، ربما كان الخيار الأفضل في هذه الحالة هو الفرار.. جريت بأقصى سرعة نحو باب الشقة مصطدما بكل الأشياء في طريقي .. مددت يدي لأفتح باب الشقة لكنه لم ينفتح !
أنا محبوس هنا إذن ! لم أضيع وقتا ، جريت إلى الغرفة الوحيدة المفتوحة ، فتحت الشباك لأصرخ وأنادي أحدا لينقذني ، لكن الشباك كان يطل على المنور.. صرخت رغم ذلك مستغيثا بالسكان ولكن لم يجب أحد ولم يبد أن هناك سكانا أصلا في المبنى.. أخرجت هاتفي المحمول فوجدت الشبكة لا تعمل.. تذكرت هاتف (عادل) الموجود في الصالة وجريت لهناك متحسسا طريقي إلى موقعه .. ولكنه كان مقطوعا عن الشبكة أيضا ، رغم أنها شبكة مختلفة عن شبكتي..
انهرت تماما وقد فرغت جعبتي من الحلول ، فجلست أرتعد على الأريكة في الصالة منتظرا ما سيحدث..
وفجأة عاد التيار الكهربائي وهدأت كل الأصوات.. قمت مسرعا لباب الشقة محاولا فتحه لكنه كان لا يزال مغلقا.. رجعت للغرفة المفتوحة .. لممت أوراقي وأغراضي كلها في الحقيبة وجلست في انتظار قدوم (عادل) .. أدرت "الكاسيت" مرة أخرى. إن صوت (عمرو دياب) محبب إلى قلبي في العادة .. لكني لا أعرف لماذا يصدر الصوت من هذا "الكاسيت" غريبا وعميقا .. أكاد أحس بكلمات الأغنية الخفيفة وهي تحمل معان كبيرة ، أكبر مما كان يتخيله مؤلفها ومغنيها ..
غرقت في تأمل الأغنية عندما كسر الهدوء صوت الطرقات على باب الشقة للمرة الثالثة !
" وأخاف من فرحتي أفتح تكون لاعبة الظنون بيا وتطلع تاني مش هيا ! "
لم أقم هذه المرة .. وإنما تركت الطرقات مستمرة .. هناك احتمال لم أفكر به من قبل وهو أن تكون الظنون فعلا هي التي تلعب بي وأن كل هذا خيال في خيال ! بعض الشباب سيء الخلق يشترون حبوب الهلوسة ثم يضعونها في مشروبات أو عصائر قبل أن يقدمونها لأصحابهم .. ثم يتندرون فيما بعد بما حدث لهم من تهيؤات وتخاريف أثناء الهلوسة..
وإن كنت لا أظن أن (عادل) سيء الخلق لهذه الدرجة ، والأهم من ذلك هو أنني لم أشرب شيئا هنا.. هل وضع (عادل) في الهواء غازات هلوسة مثلا ، ولهذا السبب نزل مسرعا ؟ وهل يعقل أن يكون المزاح السخيف في ليلة الامتحان بهذه الطريقة ؟
لا تزال الطرقات مستمرة على الباب.. المشكلة هذه المرة هي أن الباب مغلق أصلا وقد حاولت فتحه منذ قليل فلم أستطع..
خطر لي أنه ربما تكون هذه الطرقات من (عادل). قمت بسرعة وخرجت للصالة ثم نظرت من "العين السحرية" فإذا هي امرأة عجوز. حاولت فتح الباب رغم معرفتي بعدم جدوى المحاولة ، لكنه – ياللعجب – انفتح !
لم يعد لدي شك في أن كل هذا مزحة كبيرة .. سوف يظهر أحد الثقلاء بعد قليل ليقول إن كل الأحداث تم تصويرها ويستأذنني في اذاعتها. ابتسمت لهذا الخاطر ونظرت للسيدة منتظرا أن تقول شيئا . قالت :"أشكرك يا بني يا (عادل) .. لقد استلمت الأمانة .. أحببت فقط أن أشكرك لأنك حفظتها لي".
يبدو أن السيدة ضعيفة النظر .. قلت لها موضحا :"أنا لست (عادل) .. أنا صديقه".
استدارت صاعدة إلى الدور العلوي دون أن يبدو عليها أنها استمعت لعبارتي.. إنها لا تسمع جيدا أيضا ..
حسنا ، لقد سئمت هذا الجنون .. سأعود لمنزلي فورا. خرجت من الشقة وأغلقت بابها ونويت الرحيل. لكن شيئا من الفضول دفعني للصعود خلف المرأة لأرى إن كانت تسكن في نفس الشقة العجيبة في الدور العلوي.. تسللت خلفها دون أن تشعر ورأيتها تفتح بابا آخر في ذلك الدور .. ليس هو نفس الباب الذي دخلت فيه الفتاة والسيدة الأخرى.
صرخت فيها بأعلى صوت كي تسمعني :"هل تعرفين يا سيدتي من يسكن في هذه الشقة ؟" وأشرت للباب الآخر. نظرت لي في حيرة وقالت:"هذا الباب يؤدي إلى شقتي أيضا ، ولكني أحب الدخول من هذا الباب لأنه أقرب لغرفتي". ثم دخلت وأغلقت الباب خلفها..
هناك شيء ما يخبرني بأن هذه السيدة قريبة للفتاة والمرأة الأخرى. إنهم جميعا يسكنون في نفس الشقة ويشبهون بعضهم جدا.
كل هذا لا يعنيني الآن، سوف أعود لمنزلي فلدي مذاكرة كثيرة والتيار الكهربائي ينقطع هنا بصورة مستمرة ، كما أن هناك أشياء غريبة تحدث ولا أفهمها..
نزلت من الدور العلي إلى الدور الذي فيه شقة (عادل) وأنا أنوي مغادرة العمارة كلها.. لكني فوجئت بأن باب شقة (عادل) الذي كنت أغلقته منذ قليل مفتوح على آخره !!
هناك احتمال أن يكون (عادل) قد عاد إذن.. من غيره يملك مفتاح الباب ؟ إلا إذا كان هناك من فتح الباب من الداخل طبعا.. دخلت الشقة بحذر وأنا أنادي على (عادل).. لم يرد أحد ، كما أن الغرفة الثالثة التي كانت مفتوحة صارت مغلقة الآن.. حاولت فتحها دون جدوى.. الآن فقط تأكدت أني يجب أن أعود لمنزلي فورا..
ولأن التاريخ يعيد نفسه كما يقولون ، فإنه كان لابد أن ينقطع التيار الكهربائي للمرة الثالثة !
لا بأس ، هذه المرة أنا في الصالة وباب الشقة مفتوح ، ساخرج من هذا المكان المجنون .. وقد عبرت الصالة عدة مرات من قبل في الظلام لذلك من المفروض أني لن أصطدم بشيء هذه المرة وأنا أجري مغادرا..
ولكني لا أعرف لماذا اصطدمت بهذا الشيء ؟ لم يكن هناك من قبل .. مددت يدي لاتحسسه فوجدته إنسانا ! أمسكني من ملابسي ومنعني من الخروج ..
وضاعت صرخاتي في ظلام الشقة وسكون الليل ..
يتبع ...
| |
|
دعاء الكروان Admin
عدد المساهمات : 385 تاريخ التسجيل : 15/07/2009 المزاج : الحمد لله
| |